مخلص كتاب بين العلم والايمان

 مخلص كتاب بين العلم والايمان 

للمؤلف: د. معمَّر بن علي التوبي

عدد صفحات الكتاب: 132 صفحة

عدد الفصول: فصلين، الأول: 70 صفحة (5 اقسام)، الثاني: 35 صفحة (3 اقسام).

"المادة ليست إلا قطرة في بحر الوعي العميق، بدون الروح لا مجال للحقيقة" د. معمّر بن علي التوبي

لا بد بأننا سمعنا مسبقا جميعاً بالخوارق فوق الطبيعية ليتقبل كل واحد منا هذه الأفكار بطريقته المختلفة، وضح الكاتب ان الكتاب كان حصيلة تراكمية فكرية معرفية، تشكلت عبر قراءة الكتب ونقاشه مع أصحاب الفكر والمعرفة والذي شكل مع بحثه واطلاعه بمرور الزمن سؤال كبيرا وملحا حول ماهية الحياة، قاصدا به الإجابة عن تساؤلاته.

فقد سعى الانسان دائماً للكشف عن ماهية الحقيقة والتي بدأ بتفسيرها عبر المنطق الفلسفي إلى النظريات الفيزيائية المعاصرة، وخلالها تدرج العلم في نسف حقائق ونظريات كثيرة كانت ثابتة حتمية الصحة في وقتها ولعل أقرب مثال لذلك نظرية الفوضى أو جناح الفراشة التي قصمت ظهر المادة التي لم تضع إلى يومنا هذا تفسراً لأسئلة الحياة والكون.

ووصف الكاتب بعدها الإنسان بالكائن الاجتماعي الذي يعيش وهم المعرفة، مرتقيا في الجانب العلمي والمادي مهملا الجانب الروحي. ونستطيع ان ندرك مما سبق ان الظواهر فوق الحسية ما هي إلا أمور لا يستسيغ العقل وجودها لجهلنا الحالي لأن العلم المادي لم يستطع الحكم عليها إلى الآن. 

وطرح الكتاب جاء بالمنهج العلمي محاولة لإثبات أن العلم لا ينفصل عن الظواهر الروحية التي جاءت بها الأديان بما فيها الإسلام وتعتبر جزءًا مهماً فيها، وتفسرها بالأسباب الفلسفية الايمانية.

 وسوف أعتمد تلخيصاً لهذا الكتاب وما به من أفكار بحسب الفصول والتقسيمات التي جاء بها.

 


الفصل الأول: الظواهر فوق الحسية وفق المنهج العلمي والإيماني:

أُثبت وجود الظواهر فوق الحسية بدراسات مدعومة من قبل جهات مرموقة تتبع منهجا علميا صارما في ذلك. وقام الكاتب بتقسيم أنواع هذه الظواهر بشكل عام إلى: إدراك الأشياء والأحداث خارج نطاق الحواس العادية، استخدام القوى العقلية للتأثير على الأشياء عن بعد. ويشير الكاتب إلى الفرق بين مفهوم الوهم الذهني والظواهر فوق الحسية قائلاً إن ذلك الوهم بحسب رأيه قد يؤثر الاعتقاد والإيمان المطلق به كحالة الحسد والسحر. (وأعتقد من وجهة نظري ان الحسد والسحر ليسا نتاجاً للوهم فحسب فهما واقع، بحسب نصوص القرآن والسنة).

ووجب هنا أن اتطرق لنقطة اكد عليها الكاتب في مواضع مختلفة قائلا ان الظواهر فوق الحسية تزيد عند الأشخاص المتدينين الذين يكثرون من حالات التأمل والخلوة، إذ أنها تعتبر أساليب لزيادة القدرة على الاستشفاء و التركيز والصفاء الذهني والتحكم بالنفس وذلك لتدريب الذات وبلوغ الأهداف، وأن هذه المواضيع كانت أمرا أساسيا عبر تراث العرب المسلمين إلا أننا تركناها بينما كان العالم الغربي الذي افتننا بعلومه يسخر الأموال والخبرات والجهود سعياً في تطوير هذه المهارات واستغلالها في مختلف المجالات العسكرية والسياسية وغيره طارحاً لذلك الأمثلة المختلفة الكثيرة   (وهنا أوافق الكاتب بما قاله تماماً فلا شك بان هذه الظواهر جزء لا يتجزأ في الدين الإسلامي). 

التخاطر وتجاوز الإطار الزمني عبر الأحلام: 

وضح الكاتب بدايةً الفرق بين الأحلام العادية، وما اسماها بتنبؤات الأحلام وهو ان الاحلام العادية هي عبارة عن نتيجة لسبب واضح كأن لا تذاكر للامتحان فتحلم بأنك رسبت فيتحقق ذلك. والتي فسرها العلم بأنها موجات كهربائية تنبعث من الدماغ صعودا إلى مناطق القشرة البصرية وتتميز هذه المرحلة أو الموجات بحركة العين السريعة -وتكون في هذه الاثناء المناطق المسؤولة عن بقية الحواس اللمس، السمع، التذوق، مغلةً إلى حد ما- وينشط على جانب ذلك الحصين مما يدل على اعتمادها على الذكريات واللوزة واللوزة الحزامية الأمامية مما يعني أن الاحلام تكون عاطفية وغالباً ما تنتج عن خوف.

ويقوم الدماغ بتنشيط المواد الكيميائية والأنظمة به قبل الحلم وأثناءه لذلك.

أما عن تنبؤات الأحلام فهي المقدرة على رؤية الأحداث المستقبلية، أو التخاطر والتي قد تتكرر كتحذير من مصدر خفي خلال فترة طويلة ويتبع ذلك التحقق على أرض الواقع وهذا عكس المصادفة تماماً والتي يدعيها العلم، أو يتبرأ منها بعض الماديين بحجة أنها أوهام.

وبما أننا نؤمن بوجود الموجات التي تنتقل عبر الفضاء تعمل من خلالها الأجهزة، فنحن أمام فكرة وجود نظام مشابه لدينا تنتقل فيه الأفكار من شخص لآخر سواء في اليقظة أو الحلم، ومثالاً علية تزامن تفكير الأشخاص ببعضهم كأن يفكر فيك شخص ما فيفكر الآخر به لحدوث تناغم ترددي. وينتج عن هذا النظام التخاطر او القدرة على اختراق الزمكان، ورؤية الأحداث المستقبلة.

لابد ان فكرة وجود هذه الترددات صعب الاستيعاب لمحدودبة العقل البشري إلا ان حالها كحال الزمن والذي لا نستطيع فهمه إلا عبر النظرية النسبية لأينشتاين. 

وبما أن الحلم ناتج عن سكينة الجسد في حالة تشبه التأمل والتركيز العميق، فإن هذا يؤدي بدوره إلى تفعيل القدرات فوق الحسية.

وفسر العالم (رسل تارج) تنبؤات الأحلام على أنها نتيجة لحدوث الحلم وتحققه فعلاً في المستقبل، وذلك ما يفسر عبر الحقل الكوني المشترك الذي يفسر معرفتنا بالأحداث المستقبلية عن طريق نظرية اللبنة الكونية والتي تصور وجود جميع الزمان والمكان بجميع الأحداث- ما حدث مسبقاً وما سيحدث في أي وقت وزمان ومكان - مسبقا داخل لبنة عملاقة تحوي كل الكون.

ووضح الكاتب بعدها ان هذه النظرية التي يفسر بها حتى الآن هذه الظاهرة لا تتعارض من تفاعلية القدر، أو عالم الغيب الذي لا يطلع عليه أي مخلوق بل إنه يؤكد اعتقادنا بالحتمية المطلقة ان كل شيء حدد مسبقاً من خالق عظيم عليم بجزئيات وكليات الوجود.

وقام العالم (ويليم برود) عالم النفس والرائد في أبحاث ما وراء النفس بإجراء تجارب وأبحاث وجد من خلالها ان الأفكار والنوايا بين إنسان وآخر او بين إنسان وحيوان يمكن أن تؤثر وتتفاوت قدرتها على ذلك سواءً بالإيجاب او السلب وذلك عبر تفاوت الإيمان بها والتركيز على حصول ذلك الشيء، لذلك فسر الكاتب سبب حصول هذه الأمور في العالم الثالث كثيرا بعكس الدول المتقدمة، قائلاً أن هذا يتوافق مع النصوص الدينية والتي ترشدنا إلى الايمان بقدرة الله، و ان كل شيء بيد الله وحده ولا يحصل إلا بأمره.


التأمل والتركيز:

إن زيادة التأمل والتركيز يزيد مستوى الراحة وتدفق الهرمونات ورفع الطاقة عبر رفع مستوى الترددات ويفيد الجسد نفسياً وصحياً. قام العالم (ويليم برود) أيضاً بدراسة تأثير التأمل على القدرة على التواصل فوق الحسي والتخاطر وذلك بوضع المتطوعين في ظروف خاصة للتأمل لفترة معينة، وأثبتت التجربة ذلك بنسبة نجاح 82% لدحض أي احتمال للصدفة واسماها

. (Ganzfeld)ب

وقام العالمين (هونوروتن) وعالم النفس (راي هيومن) بتجميع جميع التجارب التي تقدم الأدلة على صحة تجربة برود، 42 تجربة من 10 باحثين، وفرزها وتحليلها حسب مستوى نجاحها، وأدركا بعد ذلك التحليل الصارم حدوث شيء مثير للاهتمام.


المشاهدة والمعرفة عن بعد:

من أحد رواد الدراسات في هذا المجال العالم (هال باثوف) ورغم تصوراته العميقة إلا أنه لم يثبت وجود نظرية تحدد ماهية هذه الظواهر، وكان استنتاجه ان هناك مرحلة معينة من الوعي تمكننا احياناً من معرفة كل المعلومات المخزنة في حقل المعلومات المشترك وهذا يدخل في مفهوم العالم الكوانتي-يعني إحلال الكون على مستوى المادة والكائن الحي-، والتي تصور احتواء كل ذرة في الكون على كل المعلومات الموجودة فيه، وقد لا يصل الكاشف لهذه المعلومة لوجود خلل في نظام الاتصال الداخلي كالمشاغل الحياتية واليومية وغيره.

يرى العالم (روبرت تشارلديك) ان هذه القدرات موجودة لدى الحيوانات بشكل طبيعي، بعد دراسة ورصد سلوكها الغريب الذي تتصرف به قبل وقوع الكوارث الطبيعية كالزلازل والاعاصير وموجات التسونامي قبل ساعات أو حتى أيام، فمنها من يبدا بالنباح والعويل والتجمع في أماكن عالية او حتى رفض القيام بالأشياء الاعتيادية اللعب والتنزه خارجا، وقد اهتمت المنظمات البحثية الصينية بهذه القدرة فأصبحت تعتمد عليها مع وسائل أخرى لحفظ آلاف الأرواح.

أجريت تجار الكشف والإحساس عن بعد في مختبرات خاصة مثل (PEAR) ، ومعهد ستانفورد للأبحاث وكان أحد اهم الجهات الممولة لهذه الأبحاث هي وكالة الاستخبارات الأمريكية التي كشفت عن تجارب أجريت إبان الحرب الباردة للتجسس على السوفييت وذلك عن طريق إحضار أشخاص ذاع صيتهم بامتلاك تلك القدرات وذلك للكشف عن الأماكن التي سيتوجه إليها اشخاص مستهدفون وقبل أيام من ذلك.

ويقول العالم (هال باثوف) أن هذه الجهود تطورت تدريجياً حتى أصبحوا من خلالها قادرين على معرفة الأرقام، ومغلفات الصناديق، وتقسيم المنشآت، والأماكن، ووقت إطلاق الصواريخ، واختبارات الأسلحة النووية، ومواقع الافراد والوحدات، وتلقي طلبات المساعدة والاستغاثة، عبر الاعتماد على أشخاص ومستشارين ذو خبرة في التخاطر والظواهر فوق الحسة تحت بروتكولات صارمة لمنع أي تزوير في النتائج. وتم نشر هذه المعلومات غي مجلات مرموقة مثل (Nature).

وحسباً لنظرية الرنين المورفي والتي ترى أن الذكريات تخزن في مستودع جمعي خارج إطار الدماغ البيولوجي إذ أنه أداة استقبال وعرض، وأن الذاكرة لا تختفي بوفاة الإنسان او توقُّف الدماغ ويؤكد ذلك من خلال تجارب الاقتراب من الموت – توقف الأعضاء والأنشطة الحيوية ثم العودة إلى العمل مجدداً-، وقد ذكر العالم (روبرت تشارديك) هذا في كتابه (وهم العلم)، فارضاً وجود وعي جمعي يزيد من خلال التعلم وتطوير المهارات ويوصل هذا أيضاً إلى فرضية العقل الممتد.

ويثبت هذا أيضاً المنهج الديني القائم على البعث والحساب بعد الموت والتي تصور وجود الوعي في البرزخ قبل البعث.


الإيمان وقوة الأفكار:

يقول الكاتب أن الأفكار والمعلومات التي تأتي للعقل ليست مجرد نشاط كيميائي أو مجموعة من الخواطر والأحاسيس الداخلية، بل وبحسب ما يرصده العلم أن هناك طاقة تفوق قدرتها أي طاقة مادية، وقد تحدد مصيرنا وصحتنا وطريقة تعاملنا مع الأشياء. ومثالا على ذلك ما يمارسه بعض أتباع الديانات من القدرة على المشي في الجمر، أو الجلوس في مكان بارد وهو يتصبب عرقاً، وعلى حد قول الكاتب فإن هذا دليل بان الأفكار تتغلب على القوانين الفيزيائية المعروفة نتاج قوة الإيمان الداخلي. ووثق العديد من العلماء هذا ومنهم العالم الياباني (مسارو أموتو) فقام باختبار قوة تأثير الأفكار والمشاعر وعلاقة ذلك بمستوى ونوع الذبذبات وتأثيرها على جزيئات المادة.

ولاحظ عبر التشكل الكرستالي تغير شكل جزيئات الماء تبعاً لنوع الكلمة وبالتالي ملاحظة تأثير ذلك على كل ما يحتوي على ماء من كائنات حية وحتى جمادات لابد ان تتبادر فوراً إلى أذهاننا الآيات المتعلقة بالماء في القرآن الكريم، ويطابق أيضاً ذلك ما تفعله الرقية الشرعية على الماء وقدراتها الشفائية، التي تكون من خلال خلق ذبذبا عالية تزيد من كفاءة الخلايا وفاعليتها فتجلب الشفاء. ويفسر العالم ذلك بحساسية الماء العالية للترددات التي تأتي عبر الكلمات المسموعة أو المكتوبة وترجمتها بشكل كرستالي معين وهذا يقود مرة أخرى إلى تأكيد وجود تردد معين لكل شيء في الكون يؤثر به.

      




صور لتجربة العالم الياباني (مسارو أموتو) توضح تغير الشكل الكرستالي لجزيئات الماء حسب تأثير الكلمات.



وأسمى العالم الفرنسي (جاك بنفينست) هذه الظاهرة بذاكرة الماء وقامت المؤسسة العلمة المرموقة (Elsevier) بتخصيص دورية خاصة لدراسة ذاكرة الماء، فقام العالم بدراسة كيفية تواصل الجزيئات داخل الخلية الحية وخلص إلى أن توافق الترددات بين الجزيئات بغض النظر عن بعد المسافة هو الذي يسبب تلك التغيرات البسيطة التي تتبادل من خلالها الخلايا المعلومات، ما يشكل ذاكرة الماء.

ويؤكد هذه النظرية العديد من العلماء الآخرون كالعالم الحائز على نوبل (لوس منتجينر) والبروفسور الروسي (كورنتكوف) وغيرهم.

يقول العالم (دين رادن) أنهم استنتجوا من خلال التجارب والبحث مع زملاء لهم من جامعة (برنستون) وجامعة (إدنبرة) أسكوتلندا وجامعة (أمستردام) في هولندا أن العقل عندما يوجه تركيزه نحو شيء ما فإنه يغير سلوكه فعلاً، وعندما تركز العديد من العقول على الشيء ذاته فإن العالم سيتغير حسب قوله.

وقسم العالم (ديفد شالمرز) الوعي إلى معضلتين، المعضلة السهلة والتي يقصد بها إدراكنا بالحواس والتجارب وتفاعلنا معها، وإدراكنا نتيجة لذلك الزمان والمكان، أما المعضلة الثانية أسماها بالمعضلة الصعبة، ويعني بها إدراكنا الأمور بالموجات وشبه ذلك بالخفاش الذ لا يرى ولكنه يحدد الهدف وفق ترددات الصدى وبسرعة فائقة. 

 وأثبت وجود هذا النوع من الوعي الفيلسوف (كولن ماكجن) قائلاً: " كلما نظرنا إلى الدماغ بعمق أكبر نجد أنه لا يمد بصلة للوعي، لكن ما شكل هذا النظام أو الجهاز الذي يخلق الوعي "

ولتأكيد هذا يطرح هنا سؤال مهم، هل للكائنات المجهرية مثل الفيروسات و الاميبيا و الطحالب مدركة لبعض المعاني البدائية، فهي لا تحوي على ادمغة أو خلايا عصبية، لكنها تظهر السلوك الهادف وتدرك بيئتها المناسبة، ولا يقتصر هذا على الكائنات الحية، فهذه الخصائص  توجد على المستوى الذري وتحت الذري والجزيئي (وهنا تلميح بأن الله سبحانه وتعالى هو من يلهم هذه المخلوقات هذا السلوك)، ويفسر ذلك من خلا نظرية التشابك الكمومي والكوانتم، ومثال مبسطاً عليها أن العلماء لاحظوا أن الالكترون وبعد قذفه باتجاه شقين وتركه لتصرف دون مراقبة فإنه سيتصرف كالموجة، وعندا راقبه العلماء تصرف الجسيم.

وإذا تم قذف إلكترونين من نفس المصدر بسرعة الضوء إلى مسافات بعيدة جداً (بما فيها المسافات الضوئية)، فإن أي شيء يحدث لأحدهما يؤثر على الآخر بطريقة عكسية، فعندما يدور الأول مع عقارب الساعة يدور الثاني عكس عقارب الساعة. وندرك مما سبق أن لكل شيء في الكون وعياً متفاوت الدرجات.

ويرى العالم الأمريكي (ستيوارت هيمروف) أن هذه النظرية هي تفسير للوعي والظواهر فوق الحسية، وقام بتأسيس نظرية (الاختلال الموضوعي المنتظم) مع العالم الفيزيائي (روجر بنروز)، والتي تقترح أن سبب وجود الوعي العالي لدى الإنسان هو دماغه الذي يحوي عدداً كبيراً من الخلايا العصبية، مما يساهم في حصول تناغم جيد بين العقل والوعي الكوني، وان للوعي دوراً مهماً في الكون. ويؤيد عدد من العلماء الآخرين وجود الوعي على المستوى الذري وما تحته كالعالم الفيزيائي الكبير (فريمان دايسون)، والعالم الحائز على نوبل (يوجين فنر). 

وهناك من يعارض هذه النظرية كالعالمين (ادجر ميشيل) و(روبرت تشارلز)، ويفترضان ان الدماغ يعالج المعلومات ويخزنها بطريقة ثلاثية الأبعاد وذلك عندما يعمل الدماغ كجهاز لتوصيل الطور والنتيجة إشارات افتراضية (صورة معكوسة للانبعاثات الكمومية -فوتونات الضوء-)، منبعثة من الكائن المُدرِك ويتردد صداه مع إشارات افتراضية يولدها الدماغ وتشكل حالة صدى أو موجة دائمة بين الكائن والدماغ. وتعرف هذه العملية باسم (الرنين المتزامن) ويفترضان أنها أساس الادراك عند جميع الكائنات الحية. وقاما بوضع نموذج لتوضيح تطور الوعي حسب الكائن أطلقا عليه (السقالات التطورية). نموذج السقالات التطورية لشرح درجات الوعي -أدجر ميشيل وروبرت تشارلز-.




يفسر الكاتب بعد ذلك قائلا ان أكبر دليل على وجود الوعي الكوني، وأن الوعي ليس مجرد نشاط مادي هي تلك القوى الحسية التي لا يجد العلم لها سبيلاً أو تفسيراً رغم قدرته على ملاحظتها ورصدها. وأننا قد نعتقد أن هذا تمازج بين العالم الروحي والمادي ولكنه قد لا يكون إلا أموراً يمكننا إدراكها في عالم الشهادة ولكن العلم لم يكتشف ماهيتها وسرها بعد.

الفصل الثاني: قراءة في الوعي البشري و الكوني :

الوعي والروح:

الإنسان هو الكائن المكلف المادي الوحيد، ويمكننا معرفة مكوناته الأساسية حسب النصوص القرآنية وهي الجسد والروح التي تكون النفس -الجسد + الروح = النفس-.  ويقول الشيخ محمد متولي الشعراوي أن الجسد الذي ينبض بالروح يمكننا أن نطلق عليه نفساً بعد وصوله مرحلة البلوغ والتكليف إذ أن نوع نفسه تحدد بعد هذه المرحلة. وندرك مما سبق أن النفس هي المحتوى العلمي والسلوكي-الذات الخاصة-، والروح هي مستودع الأسرار الإلهية والعلم الرباني. إذا فالوعي هو الروح كونها الجوهر الأساسي للإنسان وهي أول ما يمتزج بالجسد ثم تكسب النفس بعدها بالتفكير والمشاعر والسلوك، ومن خلال الروح ترقى النفس، ويأتي بعد ذلك الجسد المنفذ للأفعال. ويعلل بعدها الكاتب قدرة الإنسان على امتلاك القدرات الفوق حسية، بكبر وعيه. 

وقد تكون ذروة التواصل الواعي بالكون مع الذاكرة الداخلية للذات خلال أداء المهام الاعتيادية اليومية من خلال تفعيل اللاوعي وغياب الوعي. ويزيد نشاط هذا التواصل عند الهدوء التام او النوم ليولد نشاطاً فوق حسي ولتحصل هذه الظواهر وقت النوم -تنبؤات الأحلام-. يعزز الكاتب هذا الكلام عن طريق ذكر حالات الاقتراب من الموت، والتي يروي مجربوها أنهم شاهدوا خارج إطار الزمان والمكان، وذلك لأن الموت تحرر تام من العالم المادي.

وعاد بعدها الكاتب إلى فكرة الوعي الكوني والذي يزيد ومن يعيش فيه خبرة بتقدم الزمن ومع زيادة التقدم المعرفي الذي يختزنه مع باقي الأشياء بما فيها الذرات والجزيئات والأجسام دون الذرية.


الوعي والذكاء الاصطناعي:

هل الذكاء الاصطناعي مازال يعتبر جانباً مادياً مستقلاً، أم أنه سيملك القدرة على الإدراك والوعي؟، استنتج العالم (ألبن تيرنج) ان الحاسوب ليس لديه القدرة على التوقف عن إعطاء الحلول والمخرجات كما يفعل الإنسان ولذلك فهو غير قادر على الإدراك بالطبع.

العالم (رودجر بنروز) أوضح في كتابة (عقل الإمبراطور الجديد) أن الحاسوب مجرد نظام لوغاريثمي لا يملك الوعي فهو يعمل وفق خطوات محددة ومهيئة، أما الدماغ البشري فيملك الوعي في منطقته العليا المسؤولة عن التفكير والإبداع وحل المشاكل، وله المنطقة السفلى المسؤولة عن مراقبة الجسم وسلوك الأعضاء فهو نظام لوغاريثميي.

وبما أن الذكاء الاصطناعي ليس إلا محاكاة للنظام اللوغاريثمي لعقل الإنسان، سمح له بالتعلم الذاتي ومحاكاة أنظمة التحليل وتلقي المدخلات والحساب وأنظمة التعلم العميق لدى الإنسان، وبما أن الوعي هو عبارة عن مشاعر وتواصل مع محيط الكون وخروج عن المألوف فإن الآلة الصناعية غير قادرة على الإدراك والوعي إلا عبر نظام محاكاة لذلك، عكس الآلة البيولوجية ذات المشاعر الداخلية، والتي عجز العلم عن الإتيان بمصدر حياتها وموتها.


يؤكد الكاتب بعدها على وجود الوعي في المستوى الذري وما دونه في الكائنات الحية والجمادات على حد سواء، وهذا ما يعلل تأثرنا بالمحيط من جمادات وكائنات أخرى حية.

يمكننا بناء علاقة كلية عامة لربط الوعي مع الظواهر فوق الحسية والنظريات التي ربطت بذلك -الكوانتم والتشابك الكمومي- بما أن الوعي خارج الإطار الزماني والمكاني.

ويقول الكاتب بحسب خبرته في مجال الذكاء الاصطناعي وحسب ما شكله من رأي عن الوعي: “لا أجد سبيلاً لقبول تحقق أي وعي يشابه ذلك الذي عند البشر للذكاء الاصطناعي" ويضيف " أن المنهج المادي لا يستطيع أن يصل إلى إدراك أوسع دون الجانب الروحي فإدراك العقل عبر الجانب المحسوس والملموس قاصر" ووضح ان التخاطر لغة صامتة عبارة عن إرسال و استقبال الترددات والذبذبات الصادرة من كل شيء في الكون -وهذا ما يحدث عبر المستوى الكوانتي- فتهتز بفعل ذلك لتصنع ترددات تترجم عبر أنظمة تواصل محددة تفك شفرتها لتحولها إلى صوت أو صورة او واقع معين. 

 

 

((تم بحمد الله))


أرجو أن يكتب من يقرأ انتقاده في التعليقات على المدونة أسفل كل مقالة و سأكون ممتنة لذلك🍃 . 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كتب ينصح بها لطلبة العلوم الشرعية