مختصر كتاب الماجريات

 


مختصر كتاب الماجريات  ل:  الأستاذ الشيخ إبراهيم بن عمر السكران.

مجموع صفحات الكتاب 243 صفحة

ثلاثة فصول : الفصل الأول 12 صفحة ، الفصل الثاني 21 صفحة ، الفصل الأخير217 .



بدأ الكاتب المقدمة بمناقشة سبب كتابته للكتاب قائلا انه كان يتابع مجموعة من الشباب المنكبين على العلم و الدعوة ويعاتب نفسه حتى اقبل بعض منهم على متابعة الاخبار الاحداث واخذوا بالتدرج  حتى أصبحت نقاشاتهم و محور اهتماماتهم هي متابعة الماجريات حتى تركوا السعي للجد و استثقلوا البحث والقراءة الجادة وضعف صبرهم على مطالعة الكتب ورغبتهم في تقديم الدروس والتربية   ...

 

ويذكر أيضا انه لاحظ ان ذلك يزيد من حصيلتهم للأحداث و قدرتهم على استعمالها للبرهنة و يزيد من وعيهم للواقع ونمو لغتهم السياسية فقاده ذلك الى التفكير عن صحة هذا الامر و مقدار فائدته وهل هو انقلاب وتبادل للواقع بين الهامش و المتن ...

ثم اكمل قائلا ان الانسان يشعر بتوقف التمويل العلمي كما سماه أي انك تشعر انه توقف عند لحظة معينة واخذ يصرف من رصيده السابق فلا مجالس علمية جديدة تعكس الاستمرار في التغذية العلمية فتحس ان عددا من المتميزين في العلم الشرعي و الثقافة الجادة انكمش شغفهم في بحث العلم وبثه و تبليغه وكان ضيفا خفيفا يزاحم برامجهم العلمية في منازلهم ...

واكمل قائلا ان ذلك يصوغ نمطا من التفكير الافقي ولا يعرف الا المنتج النهائي من التصورات التي تقدم للمستهلك العام .. ووصفه بانه غادر معامل الإنتاج الى رفوف التسوق ..

وبعدها قال بان حل هذه المشكلة مختزل في معايشة تجارب المنجزين للعلم والثقافة والإصلاح ومخالطة تفاصيل كدحهم ومكابدتهم وبذلك جعل الفصل الأخير  من الكتاب وهو الأكثر من ناحية عدد الصفحات لذكر عدد من الشخصيات وفهم طبيعتها و طرح رايها في الانهماك في الماجريات و بالأخص السياسية ...

 

 

.............................................................................................................................................

 

الفصل الأول :

أراد الكاتب قبل خوضه النقاش في موضوع الماجريات الشبكية و السياسية ان يوضح التمييزات الحاكمة التي استخدمها للتحليل مخافة ان يظن القارئ كما وصفه ان المراد هو قطع الشجرة وليس تقليم الناشز منها ...

فقسم التمييزات خمسة اقسام وهي : التمييز بين فقه الواقع و الغرق في الواقع فمن أسس التفكير انه لا إمكانية لمعالجة امر من دون تصور فالقاعدة الفقهية تقول الحكم على الشيء فرع عن تصوره وهذا هو فقه الواقع ولا يمكن لاي إصلاحي العمل و تغيير الواقع دون مخالطة الناس وفهم الواقع ..

وذكر ابن القيم في اعلام الموقعين ان الفتوى و الحكم لا تكون الا بتوفر : (فهم الواقع و الفقه فيه ، وفهم حكم الله) ويتركب من هذين الفقهين التنزيل الصحيح للقواعد الفقهية او الشرعية ...

ثانيا : التمييز بين المتابعة المتفرجة والمتابعة المنتجة : فالمتابعة المتفرجة هي انه قد يتابع احدنا الاحداث بانهماك و حسن نية و لكن لا تتمخض من هذه المتابعة انتاجا لا كما و لا كيفا اما عن متابعة بعض اهل الاختصاص للأحداث فهي متابعة تنتج بشكل مبهج نتاجا علميا مذهلا كما وكيفا ....

ثالثا: التمييز بين المتابعة في زمن التحصيل و المتابعة في زمن العطاء ، في تلك المرحلة الذهبية للتحصيل العلمي يجب ان يكرس طالب العلم كافة وقته على تزكية النفس و استخراج طاقاته للمعرفة و الفاضل و الهوامش من وقته يتطلع من خلاله على الأحوال العامة ولا يغرق نفسه بالتفاصيل ..

وان اختلاف حاجة كل واحد منا لمتابعات الماجريات يعود الى اختلاف اهدافنا و مواقعنا العلمية و الدعوية و الإصلاحية و اختلاف زمن التلقي هل هو وقت العطاء ام وقت التعلم ..

رابعا: التمييز بين توظيف الآلة، هناك مجموعة من المنخرطين في تكريس هذه الآلة في اشرف ما يكون لخدمة العلم و الايمان قاموا بعكس الدور في موقعهم وتحولوا الى متلقين و مستهلكين لأقل ما تنتجه هذه الآلة من مهاترات  و شائعات ....

خامسا: التمييز بين فضل السياسة ومرتبة السياسة ، وهنا المقصود حسب ترتيب السياسة في السلم بين المتطلبات وذلك موجود بأربع صور كالآتي :



لفهم معنى كل مصطلح منها بالتفصيل في الصفحة 30 من الكتاب

اما الكاتب من خلال الصفحات القادمة  فسيقوم بالتحدث عن طريقة التعميم أي تعميم الاشتغال السياسي ..

  ويقول الكاتب نحن سائرون على درب التخصيص ( وهو جعل الانهماك في الماجريات و التعمق للمتخصصين دون عامة الناس ) لنقد الاشقاء على درب التعميم ..

اما عن بقية الطرق فلا حاجة لها في هذا النقاش .





كلمة الماجريات هي تركيب مزجي مكون من ما الموصولة وجرى ..

وهي كلمة مستعملة في عند العلماء في العصر الإسلامي الوسيط كابن خالكان و السخاوي و ابن تيمية ..

اعرج هنا على مجموعة من الاقتباسات القصيرة من ثنايا الكتاب للتأمل فيها لأنها تحوي المعاني الجامعة ..

"سبق الذكر عن ابن العباس ابن تيمية في كون من هجمت عليه هموم الخطايا يسلي نفسه بذكر ماجريات النفس و الهزل و اللعب"

قول ابن تيمية في الصفحة 38 الاقتباس من الصفحة 39

" من رسائل ابن القيم لاحد أصحابه ....: حتى قال فإن بركة الرّجل تعليمه للخبر حيث حل، ونصحه لكل من اجتمع به، قال تعالى اخبارا عن المسيح : (وجعلني مباركا أينما كنت) ومن خلا من هذا فقد خلا من البركة و محقت بركة لقائه، فإنه يضيع الوقت في الماجريات و يفسد القلب "

الصفحة 40

"الانسان يملك في النهاية وقود معين للتفكير فينبغي للمرء ان يكون حاذقا في صرف طاقته الذهنية في المواد المجدية "

الصفحة 41

فإن فتح المجال للماجريات يحط الهمة وقد يصعب اعادتها مجددا ..

وهي دليل ضعف القلب و التشتت ..

وقد يأتي للإنسان من يزين له الاشتغال بالماجريات من باب الظرف و الادب و التلطف للناس ويكشف ابن القيم ان هذه من خدع النفوس و تلبيسها...

وقد ادخل الفقيه ابن سعدي الانشغال بالماجريات في باب (لهو الحديث )عند تفسير سورة لقمان

ومن الجدير ان نذكر قول الرسو صلى الله عليه وسلم :" ان الله كره لكم ثلاثا قيل وقال ، وكثرة السؤال، واضاعة المال "

وقال القاضي العلامة عياض عن تفسير الحديث ان معنى قيل وقال هي الدخول في اخبار الناس وحكايات مالا يعني من احوالهم ..

 

 

.............................................................................................................................................

 

الفصل الثاني : الماجريت الشبكية

 طرح مفهوم ادمان الانترنت لأول مرة عام 1995م و اصطلح كادمان مرضي او كمرض موجود عام 1996 م وهي كحالة الإدمان على الكحول او القمار او غيره وتؤدي الى تدهور الأداء المهني و الانفصال الاسري و الإخفاق الدراسي ...

وتبعا لهذا قامت بعض الدول بإنشاء مراكز استشارة لعلاج هذه المشكلة ككوريا الجنوبية ..

ويعقب الكاتب ان الفرق بين العادة و الإدمان هو ان الإدمان سلوك قهري وتؤدي الى اعراض انسحابيه عند التوقف المفاجئ كالانزعاج و التوتر و الغضب ...

وان هذا الإدمان هو آلية هروب نفسي للتهرب من المهام و التعقيدات العلمية و العملية ، ومن احد أدوات اختبار مقياس الإدمان هو محاولة إخفاء او تمويه كمية الوقت المستغرق.

هناك ظاهرة فلكية افتراضية تسمى بالالتفاف الزمني وتم استعارتها بهذا المصطلح او بمصطلح العمى الزمني ليقصد بها القفز في وفقد إحساس الزمن اثناء الاستغراق في وسائل التواصل ..

من الأمور الشائعة في البحوث شح المعلومات وأيضا الكثرة المفرطة في المعلومات واخطر ما قد يحدث هو ان تخور قوى الباحث ليجعل البحث على ما هو عليه ..

وقد وفرت وسائل التواصل هذه الميزة فظهر مدمنوا البيانات و الإغراق المعلوماتي و الاكثار من تحميل البيانات

وما يزيد من الأثر هو خاصية تسلسل التصفح و هو تسليم الحلقات المتتابعة من الوسائل القصيرة المتتالية و إضافة الى خاصية الرد التي تحول المتلقي الى طرف في الحلقة والى آخره.....

وهذا ما يسمى التصفح المستطرد او المتمادي و هو حالة من التشعب و التسلسل الا متناهي ..

 

الخاصية الأخرى هي اخذ مواضع محددة للتصفح فبعضهم من يستفتح بها العمل ليذهب زهرة وقته في الغرق بالماجريات و بعضهم من يستخدمها وسيلة للخروج من ضغط العمل و بعضهم من يستعمله في أوقات الراحة ولكن خطا دخولها هنا هو انها تجعل الأفكار متقطعة وغير منتظمة في خط واحد ..

واذا رأى طالب العلم الأشخاص من حوله و طائفة من المثقفين و المشتغلين بالعلم منخرطين فان ذلك يقلل من حدة الامر في نفسه فهذه طبيعة الانسان ..

ويلخص أبو حامد الغزالي في احياء علوم الدين هذه الخاصية بقوله : ( ومبدا سقوط الثقل وقوع الأنس بكثرة السماع ).

يوقل الكاتب ان ما يهرش نفسه ويزيد كبس الغم عليها رؤية شاب منكب على العلم يشتغل بعدها بالمهاترات و التيارات ومماحكات القضايا الفكرية على الشبكة ومطاردته للتعليقات السوقية بدل تقفر العلم الشريف ..

ويصاب رواد مواقع التواصل بشلل المقدرة الاستدلالية عبر تورم الدعاوى و الفرضيات وضمور العلم بالحجج و البراهين وهذا يفضي الى الحيرة واللاحسم ..

 

 

.............................................................................................................................................

 

الفصل الثالث : الماجريات السياسية

سيناقش الكاتب في هذا الفصل اتجاه التعميم او لقدر الزائد من الانهماك السياسي او التخمة السياسية  .

.

من خلال هذا الفصل سيطرح الكاتب نماذج لشخصيات جادة و مختلفة من العصر الحديث ولها موقف نقدي من إشكالية التعميم السياسي ولم تأخذه مصانعة لمستبد ما  عن طريق مناقشة جانبين حتى يتبين للقارئ وهي : طبيعة الظروف من حوله و الإنتاج العلمي للنموذج ، علاقته بالماجريات السياسية او كيف تعامل معها لما لذكر النماذج من اثر لإيقاد الهمة و استعادة النبض الطبيعي للرغبة العلمية  ...

 

النموذج الأول العالم المصلح : البشير الابراهيمي

 في ظل الاحتلال الفرنسي الدموي للجزائر كان العالم البشير الابراهيمي تجسيدا للعالم المصلح ، فكان فارس ميدان ممتشقا سيف العلم ..

اشرف على تعليمه في صغره عمه العالم محمد المكي من خلال برنامج علمي مكثف اذ كان لا يفارقه و يشرف على يقظته ونومه و يحفظه حتى في أوقات الفسح الصغيرة .. حتى بلغ منه انه كان يحفظ 100 بيت شعر في اليوم الى جانب حفظ القرآن فحفظ المتون الكثيرة وهو في سن التاسعة فقط ..

ومن خلال نموذج العالم البشير الابراهيمي نخرج بهذا الاقتضاب البسيط :

ان المراحل الأولى للتكوين العلمي يجب ان تكون مفرغة للتركيز على البناء العلمي وعدم مزاحمتها بمتابعة الماجريات السياسية ..

تمييز لباب السياسة عن قشور السياسة، وذلك ان لباب السياسة هو العمل على بناء الامة ( بناء اركنها من العلم والوعي و العمل و الاخلاق و التركيز على الإنتاج )

اما عن قشور السياسة : فهو الجدل السياسي بين التيارات الحزبية بل ان الشيخ البشير اعتبر ان الجدل الانتخابي هو بحد ذاته ابتعاده عن السياسة ولبها فلا ينبغي الاشتغال به ...(وقس عليه).

وقد قال الشيخ عبارة سلسة جميلة :(اما لباب السياسة فمعناها العام عند جميع العقلاء هو إيجاد الامة ). 

 الصفحة 125

ومن الطريف ان الشيخ سمى الأشخاص الذين يصرفون الناس عن لباب السياسة بالطرقية السياسية.

.................................................................................

 

النموذج الثاني : المفكر الإسلامي مالك بن نبي

عايش أيضا مالك بن نبي مرحلة الاستعمار الفرنسي للجزائر و كابد التضييق و التعسف من سلطات الاحتلال ابان نشاطه في فرنسا أيام دراسته واستنهاضه للشباب العربي و الجزائري ..

بدا مالك بالنبي نشر كتبه بالغة الفرنسية واستحدث مفهومان جديدان فرنسيان لم يكونا موجودين و ترجمتها بالعربية هي (القابلية للاستعمار) و ( المعامل الاستعماري ).

ومما طرحه مالك بن نبي حول الحضارة هو ان مكوناتها هي الانسان و التربة و الزمن ، وان أساسها ينبع من الدين ..

ويتضح من خلال كتاباته ومعالجاته تأكيده الشديد على أهمية الأفكار و مركزية القيم في الحضارة ..

و انا عن الأولوية فهي العمل ويسميها المنطق العملي او الفعالية ..

فانتقد العلماء في العالم العربي و السياسيين أيضا بقوله ان العلماء منشغلون بدقائق التفاصيل النظرية للعلوم عن العمل و السياسيين بالاشتغال بالجدل الحزبي عن العمل ..

واكد على ان الحكومة آلة اجتماعية تتغير تبعا للوسط الذي تعيش فيه ، ويرى مالك بن نبي ان الطبيعة البشرية يغريها الحديث عن حقوقها اكثر من التزاماتها وان المسار الصحيح ان يكون مركز الخطاب هو استنهاض الامة للقيام بالواجب وليس اشباع رغبتها بالحديث عن الحقوق وقال ان السياسة التي لا تتحدث عن الواجب و تضرب فقط على نغمة الحقوق هي فقط خرافة ..

(ان الواجبات هي الأساس و الحقوق تبع)

الحق ليس هدية ولا غنيمة بل هو نتيجة لأداء الواجب..

تطور هذا التحليل لمالك بن نبي ووصل لاصطلاح (الدروشة السياسة )وهو فكر الانهماك في الماجريات و عدم الانتقال الى السلوك العملي و تأصيل فكرة الانهماك في الماجريات في طريق الإصلاح و المطالبة المباشرة بالحقوق ..

 

.................................................................................

 

النموذج الثالث: الداعية الإسلامي الحسن الندوي

 

تعلم الشيخ الحسن الندوي أربعة لغات و كان ضليعا في اللغة العربية و الفقه و سمي بالندوي نسبة الى مدرسة (ندوة العلماء ) بالهند ، و بسبب ظروف الحرب العالمية في تلك الفترة التي عاشها قرأ الكتب التاريخية اللغة الإنجليزية و الاوردية و تبحر فيها ..

والف كتابه المشهور وهو ما زال شابا( ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين )، والذي نال شهرة واسعة في الأقطار الإسلامية و العربية ..

 كان للشيخ حضور دعوي عميق في الهند و اصبح ذا وزن اجتماعي و سياسي و شخصية إسلامية عالمية ..

وناهض قوانينا علمانية محددة حتى اضطرت الحكومة لسحبها بعد اندلاع غضب شعبي ..

ومما يروى عن الشيخ انه كان مترفعا عن الدنيا و محتشما عن الطلب فكان لا يطلب مساعدات من كبار الرجال من اجل ندوة العلماء ، وكان ذا انفة عالية جدا لدرجة انه لم يزل مرة فندقا على حساب مجلس العلماء رغم انه عضو دائم واستشاري فيها ..

طرح الشيخ موضوع علاقة السياسة بالإسلام من خلال خمس رسائل ومن نظرياته ان الحكم هو نتاج الدعوة ، وطرح أسلوبا دعويا تحاشى فيه الصدام المسلح مع السلطة وكان يسعى للإصلاح عن طريق الدعوة و استمالة الناس للدين والخير ..

 نقد الشيخ أفكار الشيخ ابي الأعلى المردودي .. وقال ان الالوهية ليست أصلا من السلطنة حسب نظريته بل ان العبادة هي مفهوم يتطلب (غاية الذل مع غاية المحبة ) وهذه نظرية تضر بالمفهوم ..

وقال ان هذه النظرية وما شابهها من نظريات يؤدي الى تزهيد مقاومة الشرك بالله وإساءة الدعوة الى الأنبياء عن طريق اعتبار ان الهدف الأساسي هو السلطة وكأنهم اشتغلوا بهوامش الإشكاليات ..

ويؤدي أيضا الى توهين الشعائر باعتبارها وسائل للمشروع السياسي ..

وتوسع أيضا لنقد المردودي بسبب ثناءه على المتصوفيين و الطرقية بقدر فيه اشكال حسب ما قال الكاتب ..

هنا ندرك ان الندوي ناقش ما هو ابعد من الاستغراق في الماجريات وهو  التأصيل الشرعي لهذه المسالة ..

 

.................................................................................

 

 

النموذج الرابع : الدكتور عبد الوهاب المسيري

 ينظر للدكتور عبد الوهاب كشخصية مرموقة و صاحبة مشروع فكري و من اشهر اعماله التي راقت رواجا : موسوعة اليهود و اليهودية و الصهيونية (8 مجلدات )،موسوعة إشكالية التحيز (7 أجزاء )، كتاب العلمانية الجزئية و العلمانية الشاملة ( جزآن)،وكتاب سيرته الذاتية .

ويعتبر الدكتور معجما أدواتيا خاصا غير مألوف في النسق الثقافي العربي ويعود ذلك الى احداث حياته وتنوع البيئات و الحركات نشط فيها ..

فقد انخرط في الحركات الماركسية و الشيوعية  و الالحادية في شبابه ولكنه ادرك ان كل النماذج الالحادية المادية عاجزة عن تفسير ظاهرة الانسان المركبة المفعمة بالأسرار و التنوع فادرك انه لا يمكن تفسيرها الا بنموذج غير مادي فعاد للائمان ..

ولكن عودته للإسلام كانت عودة ثقافية لم يتبنى فيها المنظومة العقدية و الفقيه و قد كان نقده نقدا تابعا وليس نقدا إسلاميا شاملا من منطلق المحكمات القرآنية..

ومن نظرياته ان العلمانية الشاملة هي بنية كامنة في المنتجات الحضارية كما سماها (التيشيرت و البيرجر و الكوكاكولا)

 

و يظهر في اعمال الدكتور جلسا ولعه للتفسير بالنماذج أي بلورة المركبات المفهومية و قراءة الظواهر بها وذلك يظهر اكثر من حبه للموضوع الذي يناقشه بحد ذاته ..

وهو لا يمل من إعادة الطرق التفسيرية تحت نفس الشبكة من النماذج التفسيرية وهذا يفسر كثرة التداخل و التكرار تحت عناوين متعددة وذلك راجع الى أسلوبه التأليفي فهي رسالي بثي يكثر فيه إعادة العرض لان غرضه هو توسيع البلاغ قدر الإمكان ..

وتتميز موسوعة اليهود و اليهودية و الصهيونية للمسيري انها ليست موسوعة بالمعنى التقليدي فهي افق مفاهيمي تفسيري مسنود بالمعلومات ..

وقد كانت وجهة نظر المسيري حول متابعة الماجريات انها تصرفه عن انكبابه و تسلبه إمكانية التفطن للكليات الكامنة ويرى المسيري بعد تجربته في الكتابة الصحفية انه يستحيل الجمع بين الكتابة الدورية و الكتابة المعرفية الكلية حسب تجربته ووجهة نظره ..

 

.................................................................................

 

النموذج الخامس : د. فريد الأنصاري

يعتبر د. فريد كثر شخصية دعوية ناقشت منزلة السياسة في الخطاب الدعوي وما يتفرع عنها بالاشتغال بالماجريات السياسية ، وهو اكثر شخصية علمية دعوية خاضت في مجال مناقشتنا هذه ..

وعاش في حقبة زمان كان فيه المغرب تابعا للدين الماركسي في أواخر الستينات و بداية السبعينات اذ كانت الحركات الإسلامية نادرة و غير مسموح لها بالظهور...

ووصل الامر بهم ان كانوا لا يسمحون برفع الاذان خاصة في الجامعات ..

وكان سبب بداية الحركات الإسلامية في السبعينات هو حادثة احتراق المسجد الأقصى المبارك(1969 م)  والتي انتجت سخطا شعبيا استثنائيا ولد ظروفا  انشات عددا من الجمعيات الإسلامية ..

 من اكثر ما عمل عليه هو بحوث الحقل المصطلحي و كانت كتاباته تجديدية وجدانية خلاّبة في عرض الايمان و تحريك القلوب لبارئها وإذكاء جذوة التديّن ، و هذه الأسس الجمالية في الإسلام تقوم على ثلاث وعي التعة و الحكمة و العبادة ..

ويفسر الكاتب حجم تأثير ما قام به د. فريد في مجال الدعوة وما طرحه من أفكار أن الحراك الدعوي يؤدي الى تغيير اجتماعي وهذا بدورة سيولد تغييرا سياسيا حتى وان لم تهتم بمسائل الخلاف و نحوها فالحراك السياسي لا يمتد الا ضمن شروط اجتماعية معينة و الوعي البسيط خطوة مفضية كثيرا الى الوعي المركب ..

وبرى د. فريد الأنصار يان الافراط في التعلق بالوسائل (كالهياكل التنظيمية و النصوص الفكرية و القدوات العبادية أكثر من الهدف الواقعي و هو نصوص الكتاب و السنة ) من الواجب الشرعي ان يستفيد الانسان من هذه الشخصيات و الكتب و الأطر الحركية ولكن لا تتجاوز قدرها ..

واصطلح د. فريد مصطلحين وهما : التربية التوحيدية و التربية الوساطية نقلهما من حقله العقدي و صاغهما بمعناه الخاص في الحقل المنهجي ..

 

فالتربية التوحيدية هي اسمرار و حيوية المنهج النبوي في الدعوة مع الاستفادة من الوسائل ..

اما عن التربية الوساطية فهي  تجاوز الحدود في الاهتمام بالوسائل و التعصب سواء كانت اشخاص ام حركات ام كتب (فهذه حالة وساطة بين العبد وربه )، وقد حول الدكتور هذا التحليل الى كتاب تأصيلي سماه (التوحيد و الوساطة في التربية الدعوية) ..

و الاستنتاج الذي نخلص به من كتابات د. فريد أن مدارسة الموضوعات التربوية من الكتاب و السنة أحسن من مدارستها من خلال الكتب الدعوية و الفكرية المعاصرة ..

 

والاندماج في الماجريات حسب وجهة نظر د.فريد و جماعته انها جزء من مجموعة أفعال تندرج ضمن الأساليب اليسارية السياسية وهذا ما يبعدهم عن الدين وعن تزكية النفس ..

واصطلح مصطلح (الفجور السياسي) وهو ترسيخ الانحلال في المجتمع عبر التمكين للفساد الخلقي و الدعاية له لمحاصرة حركة التدين باعتبارها ذات بعد سياسي ..

و مثالا لذلك : الأغاني المصورة و الراقصة و الفنون الهابطة و الادب العاري و غيره..

و قال ان سبب عدم مقدرة الأحزاب الإسلامية على مواجهة هذا هو انها لا تدرك ان الحلبة هي تدين المجتمع وهي منهمكة في الماجريات وقد اهمت بناء التدين المجتمعي ..

وكان قد طرح اشكال انهماك الجماعات الإسلامية في العمل السياسي بقوله ان منطقة الخلاف هو ان يُعتمد العمل السياسي هدف وغاية حتى صار رهانه كل رهانه على الحل السياسي ..

وفي نظر د. فريد ان أهمية السياسة في الإسلام تكمن في ((كون احكام الدين العامة لا تقوم على المستوى الاجتماعي الا على مستوى الدولة ))

ويعقب الكاتب على ذلك بقوله ان (مفتاحية العمل السياسي ليس كمية الاحكام الشرعية في القانون الدستوري و اجرائيات و فنيات العلوم السياسية وانما مركزية الولاية في إقامة العدل و الدين و الحقوق )

انتقد الكاتب إبراهيم السكران بعضا من اطروحات د. فريد الانصاري وقام بحليلها و تبيين المغالطات فيها وهي بسيطة لا يستوجب الملخص ذكرها ..

وانتقد الكاتب أيضا د. فريد بقوله انه لا يتجاوز النطاق المحلي في اعتماد مشارب العلماء  و العلم في الدعوة  ...  

 

.................................................................................

 

الخلاصة القيمة من الكتاب :

*لا يمكن اصلاح الواقع دون فقه الواقع (أنماط تشكله وصيغ تفكيره و طبيعة احتياجاته وحدود امكانياته )

ولكن للأسف فان بعضا ممن دخل في هذا المطلب بشهامة وحسن نية اضطرب توازنه ..

*هناك مصطلح في الطب التكاملي (طب رسمي +طب بديل = طب تكاملي )و يسمى الصوم عن الاخبار باعتباره وسيلة استشفاء ..

*ان المرحلة الذهبية لتحصيل العلم هي مرحلة الشباب ومن خصائص ما يُحفظ فيها من العلم انه يكون قويا و ثابتا وراسخا لا يتفلت و لكن هذه المرحلة لا تنيخ ركبها طويلا فهي تمر بلمح البصر ..

*من مراتب الغيرة عند أهل السلوك الغيرة على الوقت وقد ذكرها ابن القيم و شرحها وقال ((الأوقات تعد انفاسا))

*قال العلامة أبو حامد الغزالي ((فإن كل نفس من انفاس العمر جوهرة نفسية لا عوض لها )) وان المرء امام هذه الجواهر في سباق ورهان محموم على ان يجعل في كل نفس ذخر يلقاه غدا ..

*قاس الكاتب الاشتغال بالماجريات بالاشتغال بفضول العلوم الشرعية بل وإن ذلك اقرب للعلم و الدين من الماجريات وقد رهب العلماء من الاشتغال بفضول العلم و نوادر المسائل و غرائب الحديث فما بالك بما نتابعه اليوم من الماجريات ..

وذلك كقول أبو العباس ابن تيمية :(( إن الكلام و الجدال و الفروع النادرة و التعليق الذي لا يحتاج اليه و غرائب الحديث لا تثبت و لا ينتفع بها )).

 

 

* وان اهل العلم ينبهون أن التفكير ليس رصيدا بسقف مفتوح ! بل هو قدرة محدودة و لذلك كانوا ينهون عن صرف رصيد التفكير في فضول العلم ..








*إن صلب العلم و أصوله لا يستوعبه العمر!




و يقول الكاتب في نهاية الكتاب : (( لا شيء أشد حزنا من أن يوهم الماجرياتي أنه في قلب عملية التغيير وفقه الواقع و هو متفرج مراقب لا غير )) .




رأيي الشخصي في الكتاب:

كان الكتاب بديعا جدا يستحق القراءة والتأمل والتمحيص لان الكاتب أحسن في طرح نقاط مهمة لشباب هذا الجيل وأحسن التدرج وأعتقد أن الكتاب من نوع الكتب التي ترغب في إعادة قراءتها لتذكر نفسك بجوهر العلم والسياسة في وسط هذا الزحام المعلوماتي كما ان ذكر الكاتب لنماذج معاصرة لفتة جميلا جدا ومهمة

وفي هذه المرحلة كان على الكاتب مآخذ منها اطالته من وجهة نظري في التبحر حول بعض تلك النماذج حتى تجد في نفسك مللاً وضياع بالأخص إن لم تكن لديك خلفية سابقة عن وقائع زمان تلك الشخصية، كما أنه قام بنقد أفكار بعضهم رغم أنه أدرجهم كنماذج.   

  

            

                                تم بحمد الله 



أرجو أن يكتب من يقرأ انتقاده في التعليقات على المدونة أسفل كل مقالة و سأكون ممتنة لذلك🍃 .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كتب ينصح بها لطلبة العلوم الشرعية