ملخص لفصل خلاصة تاريخ التشريع الإسلامي لعبد الوهاب خلاف.

{ملخص لفصل خلاصة تاريخ التشريع الإسلامي لعبد الوهاب خلاف. }

مجمل عدد صفحات النص: 49 صفحة  - عدد صفحات الملخص:19 صفحة.





التشريع في الاصطلاح الشرعي والقانوني: سن القوانين التي تعرف منها الأحكام لأعمال المكلفين، وما يحدث لهم من الأقضية والحوادث.

التشريع الإلهي : ما مصدره الله ورسلهُ وكتبه.

التشريع الوضعي: ما مصدره الناس أفرادا كانوا أم جماعات.

ويشمل التشريع الإسلامي هذين النوعين (وهو مقسم إلى أربعة أقسام حسب التسلسل التاريخي):

1:عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عهد الإنشاء والتكوين) امتد لاثنان وعشرون سنة وبضعة أشهر من بعثة رسول الله(610 م _ 632 م).

2: عهد الصحابة: (عهد التفسير والتكميل) امتد  تسعين سنة بالتقريب من وفاة رسول الله سنة 11 ه إلى أواخر القرن الهجري الأول.

3:عهد التدوين والأئمة المجتهدين: (عهد النمو النضج التشريعي) امتد لمئتان وخمسون سنة من عام (100ه_350 ه).

4:عهد التقليد: (عهد الجمود والوقوف) ابتداء من أواخر القرن الهجري الرابع واستمرارا إلى العصر الحالي.

(وسيأتي ذكر كل منها بالتفصيل)..

 

 

 

 

 

عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(عهد أساس التشريع) وذلك لأنه خلف نصوص الأحكام في القرآن والسنة وعدة أصول تشريعية كلية، وأرشد إلى المصادر والدلائل التي يتعرف بها حكم مالا نص على حكمه وبهذا خلف أسس التشريع كاملة تامة.

وينقسم إلى فترتين متمايزتين:

أ: الفترة الأولى (مكة)           ب:الفترة الثانية (المدينة).

الفترة الأولى: تمتد طول مدة وجود الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة(12 سنة وبضعة أشهر).

كان المسلمون في هذه المدة قلائل مستضعفين لم تكن لهم أمة ولا شؤون للدولة، وركز فيها رسول الله على الدعوة لتوحيد الله تعالى وتقاء أذى المشركين. لم يكن هناك داع للتشريع العملي. لهذا نزلت السور المكية بآيات عن العقيدة والخلق والعبر.

الفترة الثانية: امتدت لفترة وجود رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة لعشر سنوات( من الهجرة إلى الوفاة).

عز الإسلام في هذه الفترة وكثر عدد المسلمون وتكونت لهم أمة وصار لهم شؤون دولة. ذلت العقبات في هذا العهد في سبيل الدعوة فأصبح هناك حاجة إلى التشريع الإسلامي وسن القوانين لتنظيم علاقات الأمة الناشئة بين الأفراد فيها وعلاقتهم بغيرهم حال الخرب والسلم. فنزلت السور المدنية في أحكام عقائد الأخلاق و القصص.

 

من تولى السلطة التشريعية في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

كانت في هذا العهد السلطة التشريعية لرسول الله وحده وذلك لوجود الرسول ويسر الوصول إليه فهو يفتي للناس ويفصل في خصوماتهم بالآيات القرآنية وبما يوحى إليه وباجتهاده الذي يلهمه الله(وكل ذلك واجب الاتباع).

وهناك من صحابته صلى الله عليه وسلم من اجتهد في عهده بإرشاده، مثل:

علي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل وحذيفة بن اليمان وعمرو بن العاص رضي الله عنهم جميعا. وهذه حالات خاصة تعذر فيها الوصول إلى رسول الله، وكان ما صدر عن الصحابة من إفتاء وقضاء تطبيقا لا تشريعا وليس قانون ملزم للمسلمين إلا بإقرار رسول الله ولم يعرف أحد في عهد رسول الله من الصحابة بالفتيا أو الاجتهاد.

 

مصادر التشريع في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم:

1.الوحي الإلهي : القرآن الكريم.

2.اجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم: هي أحكام نبوية بمعانيها وعباراتها وهو أيضا إلهام إلهي بالأحكام الإلهية يعبر عنه الرسول بالقول أو الفعل يظهر بناء على طروء حاجة تشريعية اقتضته، وإن لم يوفق فيها الرسول إلى الصواب فغن الله يرده إلى الصواب كحادثة أسرى بدر. 

 

 

 

الخطة التشريعية في هذا العهد :

الخطة : هي الطريقة التي يتبعها رجال التشريع في الرجوع إلى مصادر التشريع والمبادئ العامة التي يراعونها فيه.

وبما أن عهد رسول الله هو عهد التكوين فإن الخطة لتشريعية التي يتبعها ه الخطة الأساسية للتشريع عموما.

1.التدرج  الزمني في التشريع: شرعت متفرقة على مدى اثنى عشر سنة وبضع أشهر...

2. التقليل من التقنين: لم تشرح لحل أحكام فرضية أو الفصل في خصومة

محتملة...

3.التيسير والتخفيف : عن عائشة -رضي الله عنها- م: ما خُيِّر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثما، فإن كان إثما، كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لنفسه في شيء قط، إلا أن تُنْتهَك حرمة الله، فينتقم لله -تعالى-. فقد شرعت الرخصة في الحلات الخاصة وأبيحت المحظورات عند الضرورة، وأبيح ترك الفرض والواجب إن كان في أدائهما حرج...

4.مسايرة التشريع مصالح الناس: برهان هذا هو النسخ والتعديل والتبديل فالأحكام تدور مع عللها وجودا وعدما لما اقتضت المصلحة. إضافة إلى مراعاة عرف الناس ما لم تهدم أصلا من أصول الدين ولم يجلب الضرر..

 

ما خلفه هذا العهد من آثار تشريعية:

هي مجموعة النصوص و الآيات والأحاديث و اجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم وهي القانون الأساسي للمسلمين وهي مرجع أي مجتهد في أي عصر من العصور.





.مقدار النصوص في مجموع لآثار:

عدد الآيات المتعلقة بأحكام العبادات وما يلحق بها من جهاد:140 آية.

المعاملات والأحكام الشخصية والجنايات والقضاء والشهادة: 200 آية.

أحاديث الأحكام في أنواعها المختلفة :حسب الشيخ ابن القيم 4500 حديثا، وباقيها تشريع أحكام سكت عنها القرآن الكريم. آيات الاحكام تأتي مفرقة في  آيات وسور مختلفة، مثل: العقوبات(10 آيات مفرقة)...إلخ..

2.أسلوب الآثار:

تنوعت الأساليب حسب سبب النزول فكل مناسبة تقتضي أسلوبا خاصا في بيانه، ويعتبر هذا من أوجه الإعجاز. مثالا في النصوص الدالة على التحريم: عبرت عنها الآيات بالنهي تارة وبالوعيد تارة وبالتصريح أخرى، وهكذا في مختلف الأغراض. وتبعت بعض النصوص بيان الحكم ببيان علته وحكمة تشريعه والحكمة من هذا هو لفت العقول إلى غرض الأحكام التشريعية التي لا تكون تعبدية فقط وإنما أيضا معللة بمصالح الناس.

3.أنواع الأحكام التي اشتملت عليها الآثار:

 



 

عهد الصحابة رضي الله عنهم:

ابتدأ هذا العهد من بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى أواخر القرن الأول الهجري. وهو عهد التفسير التشريعي وفتح أبواب الاستنباط فيما لا نص فيه من الوقائع. وصدرت عن الصحابة في هذا العهد فتاوى كثيرة تعتبر أساسا للاجتهاد و الاستنباط فيما لا نص فيه.

من تولى السلطة التشريعية في هذا العصر؟

كان في هذا العهد واجب الصحابة التشريعي أن يبينوا ويفسروا للمسلمين وينشروا ما حفظوا من قرآن وأحاديث للأسباب التالية:

1.أن نصوص القرآن كانت في هذا العهد مدونة في صحف خاصة محفوظة في بيت الرول وبيوت بعض الصحابة فقط.

2.أن السنة النبوية المطهرة لم تكن مدونة أصلا.

3.مواد القانون شرعت أحكاما لحوادث وأقضية وقعت حين تشريعيها ولم تشرع أحكاما لحوادث فرضية.

وقد كسب العلماء الصحابة الذين قاموا بهذا الواجب الأهلية من سماتهم الشخصية لا غير (كطول الصحبة مع النبي - وحفظ الكتاب والسنة - ومعايشة أسباب نزول الآيات - ومنهم من كان الرسول يستشيره في اجتهاده).

ويصل عددهم إلى مائة و ونيف وثلاثين من رجال ونساء، وأشهرهم: الخلفاء الأربعة، وأبي بن كعب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، زيد بن ثابت، عبد الله بن عمر، عبد الله بن عباس، عائشة أم المؤمنين، أنس بن مالك، عبادة بن الصامت،  أبو موسى الأشعري ومعاذ بن جبل -رضي الله عنهم وأرضاهم جميعا- . وقد بدا هذا العهد باجتهاد الجماعة لوجود أغلب هؤلاء الصحابة في المدينة، وبعد نفرقهم أصبح الاجتهاد للأفراد.

 

 

مصادر التشريع في هذا العصر:

هي ثلاث مصادر بالترتيب: القرآن والسنة واجتهاد الصحابة. والحجة للرجوع إلى القرآن والسنة ما ورد في القرآن من آيات كثيرة بالأمر بطاعة الله ورسوله ورد المنازع فيه إلى الله ورسوله والتسليم بما قضى الله .وحجتهم بالرجوع إلى اجتهادهم ما شهدوه من رسول الله أنه لما أراد أن يبعث معاذا إلى اليمن قال: كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضى بكتاب الله، قال فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فإن لم تجد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في كتاب الله؟ قال أجتهد رأيي ولا آلو؟ فضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صدره وقال: الحمد لله الذي وفّق رسول رسول الله لما يُرضي رسول الله.

ثم إذا لم يجدوا في ما اعترضهم نصا يستنبطون بالقياس على ما ورد فيه النص على ما تقتضيه روح التشريع ومصالح الناس.

ما طرأ على مصادر التشريع:

مصدر التشريع الأول: القرآن الكريم:

أصبح في هذا العصر ميسورا للمسلمين أينما كانوا العلم بنصوص القرآن من فير اختلاف بسبب تدوينه ونشره على كافة المسلمين.

وعنما نشبت حروب الردة أمر أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن يجمع كل ما دون في القرآن ويضم بعضه إلى بعض وعهد ذلك إلى زيد  بن ثابت وبعد أن حفظها أبو بكر خلفه في حفظها عمر بن الخطاب ثم ام المؤمنين حفصة بنت عمر.

وفي سنه 20 ه أخذ الصحابي الجليل عثمان بن عفان النسخة وعهد أيضا إلى زيد بن ثابت أن ينسخه إلى ست نسخ واحدة للخليفة الخمسة الباقية موزعة على المدينة ومكة والكوفة والبصرة ودمشق بالمساجد العامة مرجعا للناس.

تابع ما طرأ على مصادر التشريع:

مصدر التشريع الثاني: السنة المطهرة:

 

لم تدون السنة جميعها في هذا العهد فقد خشي الخليفة الثاني عمر بن الخطاب من أن يسبب تدوينها التباسا بالقرآن فانقضى القرن الأول الهجري دون تدوين ما عدا ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص فقد كانت له صحيفة اسمها (الصادقة) دون فيها كل ما سمعه عن رسول الله بنفسه.

واتخذ الصحابة رغم ذلك إجراءات للوثوق بالروايات فمثلا كان أبو بكر لا يقبل الحديث من راوي إلا إذا أيده شاهد، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يطلب البينة من الراوي، وعلي كرم الله وجهه كان يستحلفهم. وعلى أية حال لم تقم هذه الاحتياطات مقام التدوين فقد كان لعدم تدوين السنة في القرن الأول عدة آثار وهي :

1.بذل جهود كبيرة من قبل العلماء في بحث رواة الأحاديث ودرجات الثقة، فوضه علم الحديث وألفت فيه المؤلفات وبذلك قسم العلماء الأحاديث إلى :



2.لم يجمع المسلمون على مجموعة واحدة من الأحاديث وهذا أفسح مجالا للتحريف والإضافة وأدى ذلك إلى الاختلاف في حجية ومصدرية السنة وحتى إتلاف في طريق الوثوق بالأحاديث بين الذين يحتجون بها.

 

تابع ما طرأ على مصادر التشريع:

مصدر التشريع الثالث: اجتهاد المفتين من الصحابة:

كان الصحابة يقدرون فتواهم بأنها آراء فردية، ولم يزلم أي منهم المسلمين بفتواه، وكثرا ما حصل تباين في آراءهم وتدل أدبتهم على بلغ حريتهم في البحث وتحريهم جلب مصالح الناس ودرء المفاسد.

 



من تولى السلطة التشريعية؟ :

في عهد أبي بكر وأول خلافة عمر رضي الله عنهما كانت السلطة التشريعية بيد جمعية تشريعية مكونة من رءوس الصحابة.

ونتيجة تفرق الصحابة في محلف الأمصار أصبح الإفتاء فرديا ونتيجة ذلك الحتمية هي الاختلاف في عدة قضايا ويرجع ذلك للأسباب :

1.اكثر نصوص الاحكام في القرآن الكريم غير قطعية الدلالة فهو يحتمل معاني كثيرة.

2.السنة كانت تتناقل بالرواية والحفظ فقد يحفظ المفتي في بلاد ما ما لا يعلم غيره..

3.اختلاف البيئات والمصالح والحاجات فيها.

*استمر في هذا العهد خاصية تقنين التشريع إذ أن الصحابة لم يعمدوا إلى افتراض المسائل .

 

ما خلفه هذا العهد من آثار تشريعية:

1.تكون مجموعة من آراء الصحابة في الشرح القانوني لنصوص الأحكام وهو يعد أوثق مرجع لتفسير النصوص وبيان إجمالها ووجوه تطبيقها. كتفسير عبد الله بن عباس رضي الله عنه.

2.فتاوى اجتهادية من الصحابة والتي عني رجال علم الحديث بتدوينها مع الاحاديث في اول العهد.

3.انقسام حزبي كان بدايته انقسام سياسي بشأن الخلافة والخليفة ثم أصبح انقساما دينيا، فبعد فتنة الصحابة انقسم المسلمون إلى جماعات كل منها تأخذ بجمع معين من الصحابة دون غيرهم.

 



 

عهد التدوين والأئمة المجتهدين:

بدأ هذا العهد من أول القرن الثني الهجري إلى أواسط القرن الرابع الهجري لمدة 250 سنة وهو العصر الذهبي للتشريع الإسلامي لما له من أثر في الاستنباط لما حدث وما يحتمل وقوعه. وسمي عهد التدوين والأئمة المجتهدين بسبب حركة التدوين والكتابة التي نشطت فدونت فيه السنة وفتاوي المفتين من الصحابة والتابعين وتابعيهم إضافة إلى موسوعات تفسير القرآن، وكتب في فقه الأئمة المجتهدين ورسائل في علم أصول الفقه.

 

ومن أهم أسباب نمو الفقه ونشاط حركة الاجتهاد في هذا العصر هي:

1.اتساع الدولة الإسلامية في هذا العصر، فكان لابد من قوانين يرجع لها القضاة والولاة ولفتاوى تنظم حياة الأفراد، فبسبب استمرار الاجتهاد والتجديد لم يضق التشريع الإسلامي بحاجة ولم يقصر عن مصلحة.

2.تيسير الحصول على القرآن والسنة لتدوينها جميعها فقد لمح العلماء في هذا العصر النور في فتاوي السلف وبه استثمر الخلف عقله وعقل السلف.

3.شدة حرص المسلمين في ذلك العهد شديدي الحرص على معاملاتهم فكانوا يرجعون في كلياتهم وجزئياتهم إلى المفتين ورجال التشريع فكانوا موردا لا ينقطع وارده..

4.نبغت في هذا العصر أعلام لها مواهب واستعدادات وما ساعدهم على استثمارها البيئة التي عاشوا فيها، ومنهم: أبي حنيفة وأصحابه- مالك وأصحابه – الشافعي –وأحمد بن حنبل.

 

من تولى السلطة التشريعية في هذا العصر:

العلماء التابعين الكبار للصحابة هم من تولى السلطة التشريعية ومنهم من كان يفتي منذ عهد الصحابة، مثل: سعيد بن المسيب- علقمة بن قيس- سعيد بن جبير ، ثم جاء بعدهم تابعيهم، ومنهم الأمثلة الكثيرة في مختلف أمصار المسلمين ..

وقد اكتسب هؤلاء المشرعين السلطة التشريعية بوثوق المسلمين بهم ولم يتم تولية مناصب الإفتاء من الخلفاء آن ذاك، كما أنها لم تكن مهنة ينقطع لها العالم بل منهم من كان يشتغل بالتدريس ومنهم من كان ينشغل برواية الحديث ومنهم من كان يتاجر كأبي حنيفة.



ما طرأ على مصادر التشريع :

أولا: القرآن الكريم

تم حفظه وضبطه وصونه من أي تحريف لأسباب:

1.عناية طائفة بحفظه وتلقي الحفاظ منهم ومن أشهرهم القراء السبعة وبعد القرن الثاني عنما انتهى وجود طبقة الحفاظ خلفهم تلاميذهم ثم تلاميذ تلاميذهم وهكذا حتى بقي سند الحفظ متصلا.

2.إدخال الإصلاح في شكل كتاباته وشكل حرفه من تعديلات أبي الأسود الدؤلي رضي الله عنه وبعده العلامة الخليل بن أحمد ثم نصر بن عاصم..

ثانيا: السنة المطهرة

كلف الخليفة عمر بن عبد العزيز والي المدينة أبي بكر محمد بن عمر بن حزم ومحمد بن شهاب الزهري بتدوين السنة، وتبع هذا استمرار أعمال التدوين ففي سنة 140 ه كتب الإمام مالك بن أنس الموطأ في صحيح الحديث، وفي القرن الثاني دون أصحاب المسانيد الستة كتبهم. وفي القرن الثالث الهجري دونت كتب صحاح السنة الستة، ودون كثير غيرهم مجاميع السنة .

 

 

الخطة التشريعية في هذا العهد:

ابتداء من هذا العهد وقعت الاختلافات والمناظرات كانت تؤذن بظهور خطط تشريعية جديدة. ووقعت في المدينة بحوث تشريعية بين ربيعة بن أبي عبد الرحمن وبين محمد بن شهاب الزهري ونظرائه أدت على أن كثيرا من فقهاء المدينة كانوا يفارقون مجلس ربيعة وأسموه ربيعة الرأي، وفي الكوفة وقع مثل هذا بين إبراهيم الشعبي والنخعي. وعنما آلت الخطة التشريعية في أواسط القرن الثاني الهجري

إلى طبقة الأئمة المجتهدين كانت قد تكونت عدة آراء في الخطة التشريعية وطرأت عدة عوامل جعلت رجال التشريع أحزابا كل حزب له مذهب تشريعي يختلف في أحكامه وطرق استنباطه وفي بعض من مبادئه العامة.

 

 

 

  أسباب اختلاف الأئمة المجتهدين وتكون المذاهب:

 

اختلف الأئمة في فروع وأسس التشريع، فأصبح لكل مذهب أحكام شرعية فرعية استنبطت بخطة تشريعية مختلفة.

وكانت أسباب الاختلاف هي :

 1.الاختلاف في تقرير بعض مصادر الشريعة

2.اختلاف النزعة التشريعية

 3.والاختلاف في بعض المبادئ اللغوية التي تنفذ لفهم النصوص.

وسياتي تفصيلها في الصفحات القامة:

 

1.الاختلاف في تقرير بعض مصادر التشريع، ظهر من خلال:

           1. طريق الوثوق بالسنة والميزان الذي ترجح به رواية عن أخرى.

2. في فتاوى الصحابة وتقديرها والأخذ بها.        

    3.بعض المجتهدين من الشيعة والظاهرية أنكروا الاحتجاج بالقياس، واعتد الجمهور بالقياس ولكنهم اختلفوا فيما يصلح أن يكون علة للحكم ويبنى عليه القياس ونشأ أيضا عنه اخلاف في الاحكام.

 

 

 

2.الاختلاف في النزعة التشريعية:


 


 

  أهم ما خلفه هذا العهد من آثار تشريعية:

1.صحاح السنة التي دونت فيه منها ما جمع على طريقة المسانيد ومنها ما جمع حسب أبواب الفقه.

2.تدوبن الفقه وأحكامه وجميع المسائل المرتبطة بموضوع واحد بعضها مع بعض وتعليل الاحكام والاستدلال عليها، وكانت الفتاوى آراء معللة بالبرهان، فصار الفقه وأحكامه علما ذا مسائل كلية تطبق على ما يقع وما لم يقع.

3.تدوين علم أصول الفقه فلما اتخذ كل مجتهد في هذا العهد خطة تشريعية خاصة عني بوضع الأصول.

 

 



 

 

 

4-عهد  التقليد :

 

ابتدأ من منتصف القرن الرابع الهجري إلى الآن، وهو عهد فترت فيه همة العلماء عن الاجتهاد المطلق والتزموا بما استمدوه من الأئمة المجتهدين السابقين من الأحكام.

 

 

أسباب وقوف حركة الاجتهاد :

 

1.انقسام الدول الإسلامية إل عدة ممالك فشغل ولاة الأمور والناس بالحروب والفتن، فدب الانحلال العام وفترت الهمم .

2.عندما انقسم الأئمة في العهد الثالث إلى أحزاب عني تلاميذ كل مدرسة وأعضاء كل حزب بالانتصار لمذهبهم  وتأييد أصوله وفروعه بكل الوسائل، وبهذا فنيت شخصية العالم وانعدمت روح الاستقلال العقلي.

3. إهمال نظام السلطة التشريعية، وعدم تحديد نظام وشروط للاجتهاد لذلك دبت الفوضى في التشريع وادعى الاجتهاد من ليس أهلا ولما فزعوا لذلك عالجوا الفوضى بالجمود يسد باب الاجتهاد.

4. فشت بين العلماء الأمراض الخُلقية كالتحاسد والأنانية فضعفت ثقة العلماء بأنفسهم وثقة الناس بهم نتيجة لذلك.

 

 

 

جهود العلماء التشريعية في هذا العهد:

 

هذه العوامل المذكورة منعت العلماء عن الاجتهاد المطلق لكنها لم تمنعهم عن بذل بعض الجهود التشريعية في دوائرهم المحدودة.

وقسم العلماء في كل مذهب إلى عدة طبقات حسب الجهود التشريعية وهي :

1.الطبقة الأولى : أهل الاجتهاد

وهم لا يجتهدون في الشرع إطلاقا وإنما في الوقائع على أصول الاجتهاد التي قررها أئمتهم (قد يخالف بعضهم مذهب زعيمه في بعض الأحكام الفرعية).

2.الطبقة الثانية: أهل الاجتهاد في المسائل التي لا رواية فيها عن إمام المذهب

يتنبطون أحكام المسائل التي لا رواية فيها حسب أصول أئمتهم وبالقياس على فروعها.

3.الطبقة الثالثة: أهل التخريج

يجتهدون لإحاطتهم بأصول المذهب ويستخرجون علل احكامه ومبادئه فيقصرون على تفسير قول مجمل أو تعيين وجه معين لحكم يحتمل وجهين وإزالة الغموض في أقوال الأئمة.

4. الطبقة الرابعة: أهل الترجيح

يوازنون بين ما روي عن أئمتهم من الروايات المختلفة ويرجحون بعضها على بعض من جهة الرواية او الدراية.

5.الطبقة الخامسة: التقليد المحض

يميزون بين النوادر وظاهر الرواية بين القوي من الأدلة والضعيف.

 

 

 


5-بوادر النشاط التشريعي الحديث :

في أواخر القرن الثالث عشر الهجري جمعت الخلافة العثمانية طائفة من كبار علمائها لوضع قانون المعاملات المدنية ولم يقيد بمذهب معين وأخذ منها ما يتناسب مع روح العصر وسمي مجلة الأحكام العدلية وذلك عام 1286 ه وصدر أمر بالعمل به سنة 1292 ه .

وأصدرت مصر أيضا قانون رقم 52 لعام 1920م قانونا اشتمل على بعض الأحكام الذي يخالف مذهب أبي حنيفة. وفي عام 29 م أصدرت القانون رقم 25 والذي يخالف المذاهب الأربعة.

وفي عام 1936 م كلف مجموعة من العلماء بوضع قانون شامل لأحكام الأحوال الشخصية، وبهذا يبعث النشاط التشريعي ويحيى الفقه بالتطبيق العملي والدراسة والمقارنة.





تم بحمد الله وتوفيقه#



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كتب ينصح بها لطلبة العلوم الشرعية